موقف فرانسوا هولاند في الحكم الذاتي في الصحراء المغربية


في ثاني أيام زيارته إلى المغرب، وقف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمام أعضاء غرفتـَي البرلمان، ليُلقيَّ خطابه المنتظر أمام ممثلي الشعب المغربي،

وتطرّق فيه الرئيس الفرنسي لكافة محاور العلاقات المغربية -الفرنسية انطلاقا من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مرورا بدعم باريس للرباط في قضية الصحراء، وصولا إلى الدور المغربيّ الداعم لحرب فرنسا على المُتطرّفين في شمال مالي..
وكانت قضية الصحراء حاضرة بقوة في خطاب الرئيس الفرنسي، حيث أعاد تأكيد موقف فرنسا الداعم للمُقترَح المغربي بمنح الأقاليم الجنوبية للمملكة حكما ذاتيا موسَّعاً، واصفا المشروعَ بـ»الجدّي وذي مصداقية لحلّ نزاع الصحراء، وهو ما بات أكثر إلحاحا في ظل الأوضاع التي تشهدها منطقة الساحل، ما يفرض بذلَ المزيد من الجهود لتحسين حياة المواطنين في هذه المنطقة»، وهو ما خلـّف تصفيقات حارة في القاعة، ودفع رئيس الحكومة وباقي الحضور إلى «الوقوف» تحية لموقف فرنسا من القضية الوطنية.
 وأكد هولاند، في خطابه الذي ألقاه بحضور رئيسَي مجلسي النواب والمستشارين، إضافة إلى رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، وكافة الوزراء، أنّ «فرنسا تثق في المغرب، ونحن نرى كل يوم مدى تقدّمكم على درب الديمقراطية، مع حفاظكم على تقاليدكم الأصيلة، وهو التقدّم الذي شمل كافة المجالات، وواجبنا نحن هو أنْ نصاحبكم حتى يصبح بلدكم في مستوى التحديات المطروحة عليه، لأنّ مصلحة فرنسا هي من مصلحة المغرب»..
وأشاد الرئيس الفرنسي، في خطابه، بالدستور الذي صوّت عليه المغاربة في يوليوز 2011، معتبرا أنه جاء تتويجا لعدة خطوات قام بها المغرب على سكة الديمقراطية، وأنّ الدستور قد أصبح بمثابة برنامج مستقبليّ لفصل السّـُلـَط، «علما أنّ انتظارات الشعب المغربي لا تزال كبيرة، خاصة في ما يتعلق بقطاعات الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية، ونحن أوفياء لالتزامنا بالتقدّم المُشترَك مع المغرب».
وبخصوصالعلاقات الاقتصادية بين البلدين، أعرب الرئيس الفرنسي عن قلقه من تنازل فرنسا عن مكانتها كأول مزود خارجي بالسلع للمغرب، مؤكدا أنه سيعمل مستقبلا على أنْ تستعيد فرنسا مكانتها، «علما أننا الزبون الأول للمغرب، وأولُ مستثمر في بلدكم، حيث بلغت الاستثمارات الفرنسية سنة 2012 مليار أورو، وتشغـّل في المجموع حوالي 100 ألف شخص، ونحن نطمح إلى إنجاز المزيد من الاستثمارات المُشترَكة لما فيه صالح الشعبين».
ودعا هولاند كلَّ من المقاولات المغربية والفرنسية إلى «وضع اليد في اليد، من أجل العمل المشترك على مشاريع تفيد البلدين معا»، موردا مثالا على ذلك مشاريع الترامواي في كل من الرباط والدار البيضاء، ومشروع القطار فائق السرعة، فضلا على تمويل فرنسا مجموعة من المشاريع والمخططات الحكومية، «كما يمكننا تجميع جهود مقاولاتنا من أجل التوجّه بصفة مُشترَكة نحو الاستثمار في إفريقيا، باعتبارها قارّة واعدة على المستوى الاقتصادي، وهو ما سيشكل رافعة للتنمية في كل من فرنسا والمغرب».
وأشاد الرئيس الفرنسي، أيضا، بموقف الملك والحكومة من الحرب التي تقودها فرنسا ضد «المتطرّفين» في شمال مالي، مؤكدا أنّ الأخيرة ستنسحب خلال أسابيع من هذا البلد الإفريقي، لتسلـّم مهامَّ حفظ السلام إلى القوات الإفريقية، «لأنّ فرنسا لا تسعى إلى فرض وجهة نظرها على أحد، لكنْ لها مجموعة من القيم الكونية التي تسعى إلى مشاركتها مع الآخرين، وعلى رأسها الديمقراطية واحترام الأقليات والمساواة بين الرجال والنساء».
وتعليقا على خطاب الرئيس الفرنسي، أكد سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أنّ «تولي الحزب الاشتراكي رئاسة الحكومة في فرنسا لم يؤثر أبدا على العلاقات الثنائية المغربية -الفرنسية، ولم يؤثر على موقف فرنسا من القضايا التي تهمّ المغرب، وخصوصا قضية الصحراء، حيث ما يزال نفس الموقف الثابت الذي أعلن عنه الرئيس الفرنسي وهو دعم مقترَح الحكم الذاتي حلا لقضية الصحراء في إطار التوافق وقرارات مجلس الأمن، ونظنّ أن هذا الموقف هو الذي ظل لدى فرنسا، وهو موقف ثابت».
وأضاف وزير الخارجية  أن «المضمون الاقتصادي والتعاون الثقافي كان قويا جدا في هذه الزيارة، حيث وقعت 19 اتفاقية أمام قائدَي البلدين، كما وقعت اتفاقيات أخرى ما بين الوزراء المغاربة ونظرائهم الفرنسيين»، وبالتالي كان هناك مضمون قويّ اقتصادي واجتماعي وثقافي»، مشيرا إلى أنّ «هذه الزيارة شكلت فرصة للمملكة المغربية والجمهورية الفرنسية لتبادُل وجهات النظر في مجال التعاون في الملفات السياسية الجهوية والدولية».

المصدر : "المساء"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق